حسام الشاذلي* يكتب: لا «مبروك» لمبارك ولا «عزاء» للمصريين .........


حسام الشاذلي* يكتب: لا «مبروك» لمبارك ولا «عزاء» للمصريين


قد يتعجب البعض من رد فعل الشارع المصري والسياسي والمعارضين والثوار والنشطاء وحتي أصحاب السبوبه تجاه قرار محكمة النقض بتبرئة مبارك نهائيا من جرائم قتل الثوار ، وقد يزيد العجب لإنحصار رد الفعل في ملحمة مصمصة الشفاه وتغريدات التويتر وكوميديا المعارضة علي مواقع التواصل الاجتماعي ، وكلها ردود أفعال إذا أردنا تصنيفها يستحي القلم أن يضعها حتي تحت بند إنكار المنكر بالقلب كأضعف الإيمان فهي أضعف وأوهن من أضعف الإيمان.  

فماذا حدث وكيف مات الحق في صدور المصريين وكيف أصبح مبارك ديكتاتور مصر لأكثر من ثلاثين عاما بريئا براءة الذئب من دم إبن يعقوب ،

بادئ ذي بدء لا تتعجب فأنت في مصر ، بلد الأزهر والألف مئذنه ، وبلد حضارات الدنيا وسبعة آلاف سنه ، بلد قدمت للدنيا العلم والمعرفة قبل أن يعي البشر ما هو العلم وما هي المعرفه ، ولكنها بلد عجز أهلها في عصرها الحديث أن يصنعوا قرارهم أو أن يملكوا زمام أمرهم ، بلد عجز شعبها أن يصنع ديمقراطية في عالم أصبحت الديكتاتورية رمزا للجهل والتخلف والفقر والمرض.

لا تعجب ، فأنت في مصر ، دولة صنع أهلها وشبابها ثورة للحرية تحدث عنها العالم في 2011 كنموذج للتغيير وصناعة الحلم وبذلوا من أجلها الدم والنفس ، ثم خرج أهلها وشبابها هم ، هم في 2013 لكي يقضوا علي تلك الحرية ولكي ينحروا ديمقراطيتهم الوليده بأيديهم وأيدي مؤسسات فاسدة وأجهزة أمنية منتهية الصلاحية تلاعبت بعقولهم وصنعت أكبر كذبة في تاريخ مصر الحديث ، كذبة الثالث من يوليو 2013 ، 
تلك الكذبة التي إستخدمت للتأسيس للدولة القمعية الجديدة ولديكتاتورية شامله قضت علي كل أمل لمصر والمصريين في حياة أفضل وساقت البلاد للإفلاس والفقر والقهر والجوع والفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ولهذا فلا عجب ولا عجاب ، فبراءة مبارك ما هي إلا جزء لا يتجزأ من صورة تكتمل من جديد ، صورة لدولة الفساد المؤسسي الذي حكم مصر منذ عقود طويله.

فما العجب إذا في أن يبرأ النظام في مصر مبارك ، أليس هو نفس النظام الذي غيب الآلاف من خيرة شباب مصر داخل المعتقلات والسجون ، أليس هو نفس النظام الذي إعتقل وحاكم وإغتصب البنات والأطفال ، أليس هو نفس النظام الذي قتل آلاف المصريين في يوم واحد ، وهو نفس النظام الذي إعتقال أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد ،

إذا لا عجب ولا عجاب ، فقواعد دولة الفساد المؤسسي تحتم أنه لا مجال لقضاء عادل أو أجهزة أمنية ترقي لمستوي البشر ، أو حكومات رشيدة تعمل من أجل تحقيق حياة كريمة للمصريين ، دولة الفساد المؤسسي لا تسمح بوجود برلمان منتخب إلا بالتزوير ولا بوجود سياسين أو إعلاميين شرفاء ولا حتي تسمح بوجود أي صاحب رأي أو عقل أو وعي ،
 
إن قواعد دولة الفساد المؤسسي تقتضي القمع والقتل والتشريد والنفي والاعتقال بدون سند قانوني وتقضي وجود أداة أمنية تنفيذية بلا ذمة ولا ملة ، وتقضي تلك الدولة أن يعم الجهل والدجل وأن تحارب الهوية والانتماء وأن يغيب الناس بالكورة وميسي ومول الجليد في وقت لا يجد المصريين قوت يومهم.

إن معادلة الفساد داخل تلك الدولة تقتضي أن يبرأ جميع الفاسدين وأن يتم التصالح مع كل السارقين حتي تستوي المعادله بين الشركاء في نفس الجريمة فكلهم شاركوا في نهب وسرقة قوت كل مصري ومصريه وكلهم إشتركوا في تعذيب وقمع وقتل المصريين علي مر سنين طويله كانوا فيها الأسياد والمصريون هم العبيد ، كلهم شركاء لا أستثني أحدا ، فمابالك برأس الفساد ومايسترو الديكتاتورية فهل يمكن أن يحاكم في محراب دولة لا يحكمها إلا الفساد والمفسدين منذ عقود طويلة ،
إن كذبة الثالث من يوليو 2013 قد أصلت لعهد جديدا لدولة الفساد المؤسسي ، عهد ملطخ بدماء آلاف الشهداء وأنات آلاف المعتقلين ودعوات آلاف الأمهات الثكالي والمشردين في بلد الفساد والمفسدين.

إن علي كل مصري ومصريه أن يعي أن حلم الحرية يستحق التضحية والمثابرة والصبر والفداء ، وأن حق العيش بكرامة يقتضي الحرب بين الحق والباطل وبين الحق والفساد منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها ، وأنه لا أمل في أن يستوي ميزان العدل تحت راية الفساد وفي محراب الفاسدين ، فلنعمل جميعا حتي يسخر الله لمصر أحرارا من أهلها وجيشها من أجل أن يشرق عهد جديد ومن أجل أن نري شمس العدل والحق والحرية والكرامة ، ومن أن أجل أن تنقشع غيوم الظلم والفساد.
فلنعمل جميعا لينتهي ذلك العهد الأسود الذي يبحث المصريين في كل يوم عن مرتشي ليقض حوائجهم ويرد إليهم حقوقهم في كل مؤسسة ودار علي أرض مصر ، لنعمل جميعا من أجل أن ينتهي عهدا ينعت المصريين أفسد من فيهم بألقاب البيه والباشا ، فلنعمل جميعا من أجل حلم الحرية ، فحلم الحرية هو ملك لأبنائنا فلنحرص عليه حرصنا علي الحياة.

فلنعمل ولنعلم جميعا بأن كلنا مصريون من صعيد مصر وأنه لا عزاء بدون قصاص عادل لكل شهدائنا وضحايانا ولكل صاحب حق لدي فاسد أو مفسد ، فلا مبروك لمبارك ولا عزاء للمصريين. 


Comments

Recent Articles

Economy and Elections in Turkey: The Invisible Hands by Hossam ElShazly

Messenger of Judgement Day _ رسول يوم القيامة _ الدكتور حسام الشاذلي

جيم أوفر - Game Over - بقلم الدكتور حسام الشاذلي المستشار السياسي والاقتصادي الدولي