٣٠ يونيو و قرار اللحظة الأخيرة بقلم الدكتور حسام الشاذلي


٣٠ يونيو و قرار اللحظة الأخيرة 
بقلم الدكتور حسام الشاذلي 

مع بدأ الساعات الأولي من هذا اليوم المشهود والذي أعدت له العدة وحشدت له الحشود يتضح بما لا يدع مجالا للشك بأننا في حاجة إلي وقفة متمعنة ، نتدارس فيها المشهد لنحزم أمرنا ونتخذ قرارنا وخاصة هذه الشريحة الكبيرة من غير المسيسين من أبناء الشعب المصري ، فكلنا واقعون تحت ضغوط متعددة منها تلك الأزمات القاتمة من كهرباء ومياه ونقص في الوقود وضيق في العيش ، أو ضغوط سياسية بسبب إنتمائنا إلي تيار بعينه أو حزب ببرنامج ، أو نتيجة موقف من إقصاء أو تهميش ، أو حلم لم يتحقق وأمل لم ير النور ، مصيبة في عزيز أو ذكري لصحبة شهيد ، 

ولكن عندما يتعلق الأمر بمستقبل أولادنا وعندما تلوح في الأفق بوادر حرب أهلية وفتنة طائفية فيجب أن نقف لنفكر بإمعان ونحلل بإتقان بعيدا عن الضغوط والمؤثرات حتي لا يتجنبنا الحق أو يهجرنا الصواب ، أو نندم حين لا ينفع الندم ، ولا تعود عقارب الزمن ، فما هي حقيقة المشهد وأبعاده وما وراء الأحداث : 

- رئيس مدني منتخب يحارب من أول يوم تولي الحكم ، إجتمع عليه خونة الداخل والخارج ولم يمكنوه من عمل أو يحظي منهم بأمل ، 
- رئيس يقف محاسبا نفسه أمام شعبه فيقر بأخطائه قبل إنجازاته ويتخذ خطوات نحو الإصلاح والعمل ولم الشمل ومحاربة الفساد وإصلاح المؤسسات ، لم نري عليه إلي نزاهة وأمانة ولم يقم في قصر ولم يستفد بمنصب ، عزفت النفوس عن المناصب في عهده فلم تعد الإخيرة منغما ولم يري فيها لا سلطة ولا مأربا ، 
- أزمات عاصفه وحياة صعبة ، فساد ومفسدين وميراث ثقيل ، نظام يتعلم في أول تجربة ديمقراطية ، له ما له وعليه ما عليه ، يجب أن يعيد حساباته ويصحح سياساته ، 
- حركة تمردية تنادي بخلع الرئيس يتقدم صفوفها فلول الحزب الوطني المنحل الذي نهب المال والأرض وأغتصب الحقوق يعيد إلي ميدان الشرف صور رئيس خلعه الشعب في ثورة ضحي فيها بأكثر من ألف من زهرة شبابه وأعز أبنائه ، حركة تدعي أنها تملك ملايين الأصوات وترفض الإنتخابات وتهرب من الصندوق وتصر علي المواجهة ، 
- معارضة غير ناضجة تنقسم إلي قسمين الأول من أحزاب هلامية كانت عونا للمخلوع في خداع الشعب والمصريين لأكثر من ٣٠ عاما والقسم لآخر لجبهات وحركات فشل رموزها في بناء قاعدة شعبية فلم يفوزوا بأي إنتخابات ولم يقدموا أي بدائل أو حلول ولم يري فيهم المصريين أبدا لا بديلا و لا منقذا ، 
- فنانين وراقصات يتقدمون المشهد في التحرير كلنا نعرفهم حق المعرفة وهم هم من كانوا يقذفون المحصنات في ثورة يناير وينادون بالقضاء علي ثوارها الأطهار ، 
- إعلاميون وقنوات يحشدون للتحرير ويحرضون ضد الرئيس منهم من كانت تقود حملة جمال مبارك ومن كانت تبكي لرحيل أبيه ، والبقية إما خدم أمن دولة من زمن أو عبيد مال ومصالح ، كذابون بطول الزمن ، علمنا كذبهم وعشنا إفترائهم لسنين طويلة ، سرقوا عقولنا وإغتصبوا حقنا في الإختيار واليوم يدعوننا لنسير خلفهم و نمشي في ركبهم ، 
- شباب ثوري شريف يستيقظ اليوم ليعلنها بأننا وإن كنا معترضين علي الرئيس فلا يمكن أن نقف كتفا إلي كتف مع قتلة الشهداء وفلول النظام السابق ومن يحملون صور المخلوع فهذه خيانة لمصر والثورة ، 
- شباب يقتل وبيوت ومقرات تحرق ومساجد تحاصر ومنقبات وملتحي ـــين وشيوخ تهاجم في بلد الأزهر ومنارة الإسلام والعلم ، وحرب تلوح وبلطجية تحشد ، 
- كنيسة تحشد ومتطرفين يدعون للقضاء علي الإسلام ، وأموال تنفق ومجموعات إرهابية سوداء وبيضاء تحرق الأخضر واليابس ، 
- ميدان متمرد يتحرش فيه بالنساء وتنتهك الأعراض من مصريات وأجنبيات وآخر ترتفع فيه أصوات قيام الليل والدعاء والقرآن ، 
- فصيل يقتل أبنائه وينعتوا بكل مشين كأننا نسينا من هم ومن كانوا ، هم من حاربوا النظام السابق لسنين وسنين ، عذبوا وقتلوا وأعتقلوا مع غيرهم من المعارضين الشرفاء ، أقوي من قاوم الإحتلال الإنجليزي وأول مت قدم الأرواح بفلسطين ، هم هم من حظوا بحب زملائهم في الجامعات والنقابات لعقود طويلة فباتوا مثالا للأخلاق والعلم فقادوا الإتحادات الطلابية ومثلوا النقابات المهنية ، لا يعاب عليهم أنهم خرجوا من السجون فهو شرف أن تسجن في زمن الباطل وتحرر في زمن الحق ، وصفهم المخلوع وأعوانه بالإرهابيين والمتطرفين وأغلق مساجدهم وشرد أسرهم ، هم أقاربنا وأبناؤنا وجيراننا وشيوخنا ، مصريون من أبناء هذا الوطن ، 
- سياسيون وعلمانيون ومثقفين وشيوعيون تجمعوا علي العنف ويعدون لإشعال البلاد وإسقاط الحكم وإشعال الفتيل الفتنة ، لا يأبهون لأموال أو أعراض ، جل خوفهم هو الإسلام بكل صوره ، حكموا العقول لعقود وكانوا للمخلوع صوت وكلمة فهم يحاربون معركة الوجود ، لم يقدموا للبلاد إلي الفساد وأفلام العري وكتابات الدعارة ، 

موقف معقد بحجم الميداين ومواقف متداخلة وآراء متعددة ، إختلفت مهما إختلفت ولكنها إجتمعت علي كون الدكتور مرسي أول رئيس مدني منتخب وأول أمل لمصر في تداول سلمي للسلطة وفي بناء حياة ديمقراطية جديدة ، ويبقي القرار هل نحمي التجربة ونحافظ علي حق أولادنا في مستقبل أفضل ، أم نشعل الفتيل ونسير للمجهول ، هو قراركم وهذا إختيار كم ، فمستقبل مصر هو ملك لأولادنا فلنحرص عليه حرصنا علي الحياة ، 


الدكتور حسام الشاذلي هو المستشار السياسي والخبير الدولي في إدارة التغيير ، والرئيس التنفيذي الحالي لمجموعة سي بي آي الدولية السويسرية العملاقة ، أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الإستراتيجي بجامعة كامبيردج المؤسسية ، وكيل مؤسسي حزب ثوار التحرير ، وعضو المكتب التنفيذي للقوي الوطنية ورئيس القسم المصري بالهيئة الدولية للمفوضيين الدبلوماسيين والتابعة للأمم المتحدة ،
 —  

Comments

Recent Articles

Economy and Elections in Turkey: The Invisible Hands by Hossam ElShazly

Messenger of Judgement Day _ رسول يوم القيامة _ الدكتور حسام الشاذلي

جيم أوفر - Game Over - بقلم الدكتور حسام الشاذلي المستشار السياسي والاقتصادي الدولي