دعوة للتفكير ! الحلقة الأولي ! سلسلة حلقات تحليلية متخصصة بقلم الدكتور حسام الشاذلي ، المستشار السياسي والخبير الدولي في إدارة التغيير

دعوة للتفكير ! الحلقة الأولي ! 
سلسلة حلقات تحليلية متخصصة 
بقلم الدكتور حسام الشاذلي ،
 المستشار السياسي والخبير الدولي في إدارة التغيير 

إن الظروف الحالية التي تمر بها مصرنا الحبيبه تفرض علي كل مصري حر شريف أن يراجع مواقفه وأن يعيد التفكير في كل ما مرت به البلاد منذ ثورة الخامس والعشرون من يناير المجيدة ، تلك الثورة التي أعادت للمصريين حقاً شرعي سلب منهم لعشرات السنين ، ألا وهو حق التفكير وتقرير المصير ، فلا يختلف منصف بأن مصر عاشت عصرا مظلما سيطر فيه رجال الأعمال ومحاسيب السلطة والسلطان علي مقدرات الأمور ، وكانت مقاييس النجاح  والعمل والعيش الرغد مرتبطة دائماً بمن تكون وما هي علاقاتك في الشرطة والنيابة والقضاء والمجالس ورجال الأعمال وكلنا نعرف المقولة الشهيرة التي توصف حال المصريين عند النزاعات في الشارع " إنت مش عارف إنت بتكلم مين " 

ولكي تكون قادرا علي رؤية الواقع وتفهمه فيجب أن تروض نفسك علي رؤية الأشياء بعيدا عن الإنتماءات العائلية أو الحزبية أو السياسيه ،  وأن تأخذ خطوة خارج الصندوق لتري بعين الحق والعدل فتتخذ قراراتك بناء علي وعي سليم وفطرة نقية وبعيدا عن أي سيطرة إعلامية أو حب لسيسي أو كره لإخوان وهي خطوة ليست بالبسيطه لشعب عاش جل عمره وتاريخه مغيب الأفكار ومسلوب الإرادة ، وكما يقولون معرفة حقيقة المشكلة هي أول خطوات الوصول للحل ،

 ولهذا فسأطلب منك أن تحاول معي في الدقائق القليلة القادمة أن تخلع كل القبعات وأن تبقي علي قبعة واحدة هي قبعة حب الوطن  الوطن  ومصلحته وسلامة أراضيه ، ويستوجب منك هذا أيضاً أن تتجاهل من سيعلق علي هذه المحاولة التحليليه بدافع أمني كلجان الأمن الإلكترونيه والتي للأسف تدرب أعضاءها علي السب والقذف ولا تدربهم علي الحوار والنقاش أو الفهم والوعي  ،
 كذلك سنتجاهل سويا هؤلاء الذين قد يقفزوا للتعليق بدافع طائفي أو ديني بحت فهم قد يعادون مرسي لمجرد كونه يحمل الطابع الإسلامي وهم ليسوا بمسلمين أو يناصرون السيسي لمجرد كونه يحاول القضاء علي الإخوان في مصر وهم يكرهون الإخوان  ،
 وكما يفترض لموضوعية التحليل ودقة نتائجه فيجب أن تجنب العوامل المباشرة المؤثرة سلبيا علي التحليل  وهذا يتطلب أن تتجاهل أيضاً أراء أصحاب المصالح المباشرة فيما يحدث في مصر من ضباط للجيش والشرطة تتزايد مرتباتهم بمعدل مكوكي في الفترة الأخيرة وتقوي شوكتهم في مجتمع مصر الجديدة ، وبعضهم يري فيما يقوم به حرب للدفاع عن الوجود وعن تجنب البديل المظلم مستدعيا صورة الشرطة بعد ثورة يناير  ،

فإذا كنت قادرا علي إنجاز هذه الخطوة الأساسية في  بناء منظومة فكرية تساعد علي الإدراك الواعي للأشياء فهذا إنجاز هام جداً  ، ويتبع هذا الإنجاز خطوة ثانية قد تكون أصعب بكثير علي مجتمعاتنا ،  وهي قبول الآخر وإحترام رأيه مع إختلافه  ومناقشة الموضوع لا الأشخاص وهذه هي مهارة فكرية تكتسب كجزء لا يتجزأ من النمو المجتمعي للأفراد منذ نعومة أظافرهم في البيت والمدرسة والعمل والشارع ، وهي منظومة فكرية تفرض علي الأب إحترام رأي أولاده وتلزم المدرس بالتعامل المتحضر مع التلاميذ وتخلق أجواء من الإحترام المتبادل في أماكن العمل وتجعل ضابط الشرطة غير قادر علي إهانة مواطن وتضع علي لسانه لفظ لو سمحت في كل تعاملاته مع المواطنين وحتي المتهمين منهم ، 

إنها بداية هامة تحتاج أن تختبر نفسك فيها وتري إن ماكنت قادرا علي  تطوير منظومة فكرية جديدة تحكم أفكارك وقدراتك علي التحليل والحكم علي الأمور وعلي التطورات الموجودة علي الساحة السياسية المصرية ، وتكمن أهمية هذا الأمر في أن عدم قدرة عدد كاف من مواطني البلد علي خلق هذه الحالة الفكريه يضعهم تحت سيطرة مجموعة أخري قد تكون هي الأسوأ في المجتمع وهذه للأسف القاعدة وليس الإستثناء ، وهذا هو الأساس التنفيذي  الذي ينطلق منه أي نظام ديكتاتوري إضافة إلي إستخدام النزعات الطائفية وفزاعات  القتل والإرهاب والتطرف الديني  لتقسيم المجتمعات وتسهيل السيطرة الأمنية عليها ،

وعدم قدرة المجتمع علي خلق منظومة فكرية متقدمة كالتي تعرضنا لها مسبقا يقضي علي أملهم  في بناء دولة ديمقراطية و في خلق حياة أفضل وأكرم ، وهذا قد يفسر  لماذا عاش الشعب المصري ومازال يعيش تحت خط الفقر لسنين طويله ولماذا تعاني غالبيته العظمي من فقدان حقوقهم الأساسية كمواطنين في حياة آمنة كريمة وفي تعليم راق ومنظومة صحية متكاملة ، ويبدو هذا حلما بعيد المنال قد يعظم البعض مقدار صعوبته ويرونه أقرب للمستحيل بمصر  ، ويستخدم  النظام الديكتاتوري هذه الحالة الإحباطية المرتبطة باستحالة وصول مصر لمثيلاتها من المجتمعات المتقدمة ،  ليضع المواطن في حالة من اليأس مبنية علي كذبة  عدم وجود مصادر للدخل ولا سبيل لحكومة علي تحسين الحال بسرعة مناسبة ولكنك تري كل ديكتاتور يعلن أنه يعمل للأجيال القادمة وكأن الأجيال الحالية يستحسن لها أن تموت وتفني  ، بل و يتمادي البعض فيضع المسئولية علي أعناق الشعب  فيطالبهم بشد الحزام وتوفير الأكل وحزمة من المطالب التي لا يقبلها لا عقل ولا صاحب وعي ،

ولهذا فيجب أن تكون نقطة البداية بأن نعي بإن كل النماذج التي حكمت مصر وتحكمها  حتي الآن هي نماذج لم تنجح في بناء أي صورة لمجتمع مدني  متحضر وهي حقيقة واقعة ،   فكلها نماذج مشوهة متشابهة تسيطر فيها أنظمة قمعية أو فاشلة أو مستبدة أو حتي يسيطر فيها مجموعات من رجال الأعمال المرتشين والمقربين من السلطة علي مقادير البلاد في حين لا يجد غالبية المصريين قوت يومهم ، 

ولكي أحاول أن أكون عادلا كمحلل متخصص فإنني لن أرسم خطوط تحليله تؤدي لنتائج محددة ولكني سأحاول الإجابة عن أسئلة واقعية تمس كل مواطن ولا يستعصي فهمها علي أي إنسان ، وقد أكون بسبب خبرتي في هذا المجال وتعايشي مع مجتمعات كثيرة قد حققت تقدما ملحوظا في هذه المنظومة مستعد وبكل قوة أن أدعم النتائج التي قد ترسم طريق الخير لبلدي الحبيبة مصر حتي ولو كان من يمسك الفرشاة هو ألد أعدائي وأكبر خصومي ، ولأن مصر فوق الجميع فأنا أدعوك لمتابعة هذه السلسلة من المقالات في دعوة للتفكير من أجل مصر أفضل ، من أجل مصر الرخاء والعدل والحرية والحب والأخلاق والأمن والأمان ، فهي دعوة خالصة من القلب ، دعوة للتفكير !   

Comments

  1. بعد قرائتي للمقال اعتقد انه من الاجدر تسميتها دعوة للوعي لان المفركون كُثُر لكن من يفكرون بوعي هم قلة قليلة !

    ReplyDelete

Post a Comment

Recent Articles

Messenger of Judgement Day _ رسول يوم القيامة _ الدكتور حسام الشاذلي

Economy and Elections in Turkey: The Invisible Hands by Hossam ElShazly

جيم أوفر - Game Over - بقلم الدكتور حسام الشاذلي المستشار السياسي والاقتصادي الدولي